26 - 06 - 2024

كورونا في مصر: 6 أشهر من المواجهة ... والنتيجة أداء بكفاءة 48.6%

كورونا في مصر: 6  أشهر من المواجهة ... والنتيجة أداء بكفاءة  48.6%

عاشت مصر ـ شأن دول العالم الأخرى ـ حالة مواجهة مع كورونا خلال الأشهر الستة الماضية، فكيف كان مستوى اداءها في هذه المواجهة؟، أحد التقييمات المستقلة التي تابعت مستوى كفاءة جهود دول العالم المختلفة في مكافحة الوباء خلال الفترة من الأول من يناير إلي الأول من يوليو، تقول أن مستوى الكفاءة في مكافحة الفيروس بمصر 48.6%، وهو مستوى جعل مصر تحتل المرتبة 86 عالميا، وتقع ضمن فئة دول "المستوي الثالث" من حيث كفاءة جهود المكافحة .. وإلى التفاصيل.

تقييم كفاءة جهود مكافحة وباء كورونا الذي أخرج هدا الرقم، نفذته مجموعة بحثية دولية مستقلة، تعرف باسم " مجموعة المعرفة العميقة"، وأصدرته في تقرير نشر بداية يوليو، في 250 صفحة تناول أوضاع مكافحة كورونا في 200 دولة، وجاء توصيف الحالة في مصر بالصفحة رقم 222 من التقرير، وحينما راجعت المنهجية التي أعد بها التقرير، وجدت أنه  من حيث مصادر المعلومات، استند إلي  بيانات مجمعة من 20 مصدرا، تبدأ بمنظمة الصحة العالمية والبنك الدولي والتقارير الرسمية الصادرة عن الحكومات بشأن الوباء، وتقارير الرصد الأشهر عالميا الخاصة بكورونا ومنها، تقرير جونز هوبكنز، وورلد داتا، وورلد ميتر وغيرهم.


ومن حيث أدوات القياس والتقييم، استند التقييم إلي أكثر من مائة معيار قياس فرعي، تم تجميعها بطريقة شجرية، حيث جرى ضم  بعض المعايير في مجموعات أولية، وكل عدة مجموعات أولية تشكلت فوقها مجموعة فرعية، وكل عدة مجموعات فرعية، تشكلت فوقها مجموعة رئيسية، والمجموعات الرئيسية تشكل منها معيار التقييم العام.

تم تفعيل أدوات القياس والتقييم المستخدمة، عبر نماذج ومعادلات رياضية مذكورة تفصيلا بالتقرير،  وجرى تشغيلها بتقنيات تحليل البيانات الضخمة، والتحليلات العميقة، وبعض الاشكال البسيطة من الذكاء الاصطناعي.

تتكون الدرجة النهائية للتقييم على مؤشر التقرير من 987 درجة، وإذا ما نظرنا إلي ببانات المستويين الأول والثاني فقط من معايير القياس، وهما المجموعات الرئيسية، والمجموعات الفرعية، سنجد أن الدرجة النهائية هي حاصل جمع الدرجات النهائية لست من مجموعات المؤشرات الرئيسية، وهي مجموعة معايير قياس كفاءة الحجر الصحي، ودرجتها النهائية 220 درجة، ومجموعة معايير قياس كفاءة الحكومة في إدارة المخاطر، ودرجتها النهائية 220 درجة، ومجموعة معايير قياس كفاءة جهود اكتشاف ورصد الفيروس، ودرجتها النهائية 150 درجة، ومجموعة معايير قياس جاهزية الرعاية الصحية، ودرجتها النهائية 130 درجة، ومجموعة معايير قياس المرونة في إجراءات المكافحة علي المستوي المحلي والإقليمي داخل الدولة، ودرجتها النهائية 117 درجة، ومجموعة معايير قياس مستوي التأهب للطوارئ لدي الدولة، ودرجتها النهائية 150 درجة، ويندرج تحت كل مجموعة من هذه المجموعات ست معايير قياس فرعية، فيما عدا المجموعة الأخيرة الخاصة بالتأهب فيندرج تحتها اربعة معايير فقط.

يقسم التقرير دول العالم إلي أربعة مستويات، هي دول المستوي الأول التي حققت  637  درجة أو أكثر ، ودول المستوي الثاني التي تراوحت درجاتها بين 550 و633 درجة، ودول المستوي الثالث التي تراوحت درجاتها بين 440 و 549 درجة، ثم الدول خارج التصنيف التي كانت درجاتها 435 درجة او اقل.

بمراجعة موقف جهود المكافحة في مصر، تبين أن الوضع على النحو التالي:

1 ـ في مجموعة معايير قياس كفاءة الحجر الصحي حصلت مصر علي 89 درجة من أصل 220 درجة، بنسبة كفاءة 40.5%، وذلك عن جهودها في مكافحة التجمد والتعطل في الاقتصاد وسلسلة التوريد نتيجة الحجر الصحي، وكفاءة الجدول الزمني للحجر الصحي، والدعم الاقتصادي للمواطنين المعزولين صحيا، والعقوبات الجنائية علي من ينتهك الحجر الصحي، وقيود السفر، وكفاءة نطاق الحجر الصحي.

2 ـ في مجموعة معايير كفاءة الحكومة في إدارة المخاطر، حصلت الحكومة المصرية علي 115 درجة من أصل 220 درجة، بنسبة كفاءة 51.4%، وذلك عن جهودها في تحقيق الاستدامة الاقتصادية، والاستقرار السياسي، والتعبئة الطارئة السريعة، والكفاءة التشريعية والقانونية، وكفاءة الهيكل الحكومي، ومستوي التقدم في الأمن والدفاع.

3 ـ في مجموعة معايير قياس كفاءة جهود اكتشاف ورصد الفيروس ووبائياته، حصلت مصر علي 94 درجة من أصل 150 درجة، بنسبة كفاءة 62.7%، وذلك عن جهودها في الموثوقية وشفافية البيانات، وأنظمة المراقبة وإدارة الازمات والكوارث، وتقنيات المراقبة الحكومية المستخدمة في الرصد، وكفاءة وفعالية الاختبارات المستخدمة في كشف الإصابة، ونطاق وطرق التشخيص، واستخدام الذكاء الاصطناعي في التشخيصات.

4 ـ في مجموعة معايير قياس مستوي جاهزية الرعاية الصحية، حصلت مصر علي 42 درجة، من أصل 130 درجة، بنسبة كفاءة 32.3%، مقابل جهودها في القدرة علي تعبئة الموارد الصحية الجديدة، وتوفر معدات مكافحة الفيروس، وحجم ونوعية الطاقم الطبي، ومستوي التقدم التكنولوجي في القطاع الصحي، ومستوي التقدم في الرعاية الصحية، ومستوي تطور نظام مكافحة الوبائيات.

5 ـ في مجموعة معايير قياس مستوي التأهب والاستعداد للطوارئ، حصلت مصر علي 55 درجة من أصل 150 درجة، بمستوي كفاءة 36.7%، مقابل جهودها في خبرة التعبئة الطارئة، وخبرة التعبئة الوطنية السابقة، وقدرات المراقبة والرصد من حيث النطاق والمسار ومستوي التطور التكنولوجي، ومرونة الطوارئ المجتمعية.

6 ـ في مجموعة معايير قياس مرونة الحركة وجهود المكافحة علي المستوي المحلي والإقليمي داخل البلاد، حصلت مصر علي 87 درجة من أصل 117 درجة، بنسبة كفاءة 74.4%، وذلك عن جهودها في الامراض المزمنة، والمخاطر المجتمعية، والوضع السكاني، وخصائص الثقافة والانضباط المجتمعي، وخاطر انتشار العدوي، ومستوي الحداثة في طرق التطهير المستخدمة.

عند جمع النقاط التي حصلت عليها مصر في المجموعات الست، تكون درجتها  الإجمالية 480 درجة، من أصل 987 درجة. بنسبة كفاءة 48.6 كمتوسط عام، وهذه الدرجة تجعل مصر في المرتبة 86 بين 200 دولة جري تقييمها، وتقع في دول المستوي الثالث، من حيث كفاءة جهود المكافحة.

وبمراجعة بعض بيانات التقرير الأخرى، تبين أن الدولة رقم واحد من حيث كفاءة جهود المكافحة هي سويسرا التي حصلت علي 752 درجة تليها ألمانيا 749 درجة، كما تبين أن دول المستوي الأول تضم الإمارات العربية المتحدة التي حققت 700 درجة، واحتلت المرتبة الحادية عشرة، والسعودية التي حققت 657 درجة واحتلت المركز السابع عشر، وظهرت في دول المستوي الثاني كل من الكويت التي حققت 633 درجة، واحتلت المركز 21، والبحرين التي حققت 592 درجة، واحتلت المركز الثالث والعشرين، وسلطنة عمان التي حققت 562 درجة، واحتلت المركز الثالث والثلاثين.

يلاحظ من الأرقام السابقة أن ادني درجتين حصلت عليهما مصر، كانتا متعلقتين بالجهود التي تقع علي مسئولية الحكومة منفردة بعيدا عن المجتمع، وهي جهود إعداد أجهزة الدولة لتكون متأهبة للتعامل مع الطوارئ وكان مستوي الكفاءة فيها  36.7%، وجهود جاهزية مؤسسات الرعاية الصحية، وكان مستوي الكفاءة فيها 32.3%.

أما أعلي درجة حصلت عليها مصر، فكانت ذات علاقة بالمشاركة المجتمعية،، وهي جهود مرونة الحركة والمكافحة علي المستوي المحلي والإقليمي، وكان مستوي الكفاءة فيها  74.4%، ويوجد في القلب منها  مقياس خصائص الثقافة والانضباط المجتمعي، وهذا الأمر يقدم مؤشرا يتضاد بوضوح مع المقولات التي حاول البعض ولا يزال يحاول ترويجها، وتزعم أن عدم الالتزام المجتمعي يلعب الدور الرئيس في نشر الإصابة داخل مصر.

يلاحظ أيضا أن معايير التقييم والقياس المستخدمة، لا تتوقف عند معدلات الإصابة والشفاء والوفيات، كأرقام صماء، لكنها تتبنى مفهوم مستوي الخدمة والرعاية  الشاملة، المقدمة من الدولة لمواطنيها من المصابين والاصحاء علي السواء، تحت ضغوط الوباء، كما تتبنى درجة نجاح هذه الجهود في تقديم الرعاية الصحية والاقتصادية والاجتماعية، التي تحفظ للمواطن الفرد أكبر قدر ممكن من الحماية بمفهومها العام، صحيا واجتماعيا واقتصاديا معا، وهو جانب اعتقد أنه إما باهت أو غائب كلية عن المشهد في مصر في كثير من الأحيان، وتقديري أنه أكبر عامل يمكن أن يفسر تدني مرتبة مصر الي المركز الـ 86، وتصنيفها ضمن فئة دول المستوى الثالث.

------------------------------

بقلم: جمال محمد غيطاس

مقالات اخرى للكاتب

البلوى الرابعة للتطبيع: ضرب مصالح مصر بمجال الكابلات البحرية





اعلان